حفلات الزفاف هي الوقت الذي يجتمع فيه الأقرباء والأصدقاء والمحبون ليشاركوا العروسين وذويهم فرحتهم بهذا الزفاف ويقدموا التهنئة والتباريك، وتشمل هذه المشاركة الرقص والغناء والأهازيج الشعبية، وكل حسب عاداته وتقاليده، وما بين اليوم والأمس هناك فجوة كبيرة وقفزة عالية جداً اتجهت إليها حفلات الزفاف في مختلف بلدان العالم، وإذ كنا تحدثنا في العديد من المقالات السابقة حول بعض العادات الغريبة في الزفاف، فإننا نتحدث اليوم حول الحفلة نفسها كيف كانت مناسبة جميلة يجتمع فيها الأحباب، وكيف أصبحت عبئاً على كاهل العروسين.
"شاركونا فرحتنا بلمة حلوة"
في الواقع عبارة "شاركونا فرحتنا بلمة حلوة" كانت هي عبارة عن بطاقة الدعوة التي يقدمها أهل العروسين للأصدقاء والأقارب والجيران، فيذهب شخص من طرف أهل العريس وآخر من طرف أهل العروس ويقوم بطرق باب كل من يحب دعوته ويخبره بموعد الزفاف، ليتمكن من الحضور والمشاركة، أما اليوم فالعروسين يبحثون عن أفخم أنواع الورق والعلب التي تغلف بطاقات الدعوة، وكأنما هي ميثاق لمعاهدة بين دولتين، ويرصعونها بالإكسسوارات، والعبارات المتأنقة والرسومات، فكل شخص يسعى إلى ابتكار ما لم يصل اليه الآخرون في هذا الموضوع.
حفلة بسيطة وأسبوع تعليله
وكانت الحفلة هي جمعة بين الأهل يتبادلون فيها الأغاني والأهازيج الشعبية المفضلة لديهم والمخصصة لحفلات الزفاف آنذاك، وتقدم فيها الحلويات المتعارف عليها، والتي عادةً ما تكون منزلية الصنع، فضلاً عن تقديم مشروب القهوة والشاي والعصائر، وربما تختم بالعشاء للمدعوين، واليوم نشهد عصر البوفيهات المفتوحة وأنواع الحلويات الفاخرة، فيصاب من يذهب إلى الحفل بالتخمة ويعود، ليس ذلك فحسب بل ظهرت العديد من أنواع البوفيهات ما بين الشرقي والغربي، والحلويات بنكهات ومكونات متعددة، ولا ننسى البوفيه الدايت الذي بات موضة العصر لكي ليتناسب مع الأذواق المختلفة.
كما كانت تمتد التعليله _ وهي الأيام التي تسبق يوم الزفاف_ إلى ستة أو سبعة أيام قبل الزفاف، كل يوم يحضر المدعوين مساءً ويتسامرون ويغنون ويضحكون، وتقام الدبكات والرقصات التقليدية، والغريب في الأمر انه برغم أنها سبعة أيام إلا أنها لم تكن بتكلفة يوم أو ساعتين من حفلات أيامنا التي نعيشها في حفلات الزفاف! فاليوم يكلف الحجز في إحدى قاعات الزفاف مبالغ خيالية، ويحتوي على فقرات متعددة وكل شيء بثمن محدد، فأصبح من يقبل على الزفاف يعيد حساباته مراراً وتكراراً قبل أن يقدم على الحجز ليحصل على خيار يناسب إمكانياته.
سباق نحن بغنى عنه
في الحقيقة نحن لا نبالغ إذا أقررنا أن الحفلات اليوم باتت تتسم بالبذخ والتباهي، والسعي للحصول على اكبر قدر من اللايكات والمشاركات عبر مواقع التواصل، لذا يحسب العروسين هذا الأمر، فيرون انه لا بد من تقديم افخر البوفيهات ومطرب مشهور، وقاعة فخمة، وديكور حفل غير تقليدي، وهذا كله هو أمر لا مبرر له، فالأصل أن يلتزم العروسين بإنفاق ما يحقق لهما للفرح والسعادة، ليس ما يحقق الشهرة عبر مواقع التواصل، كما أن هذه التكاليف برأينا أن العروسين أحق بهما، ويمكن إنفاقها في وجوه أخرى كالذهاب في شهر عسل ممتع بعيداً عن العيون، أو تامين حاجيات أساسية لما بعد الزواج، أو حتى تقديمها كدعم للأهل الذين تعبوا للوصول إلى هذه المرحلة، لذا عروسينا أنتما أصحاب القرار، ولا بد أن تعيدا النظر في هذه التكاليف التي أنتما بحق بغنى عنها.